أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال البنا - تكامل فى سبيل الله والرسول صلى الله عليه وسلم (١)














المزيد.....

تكامل فى سبيل الله والرسول صلى الله عليه وسلم (١)


جمال البنا

الحوار المتمدن-العدد: 3576 - 2011 / 12 / 14 - 11:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



هذه قصة ثلاثة رجال نذروا أنفسهم وحياتهم لله والرسول، صلى الله عليه وسلم، واستطاعوا بفضل تكاملهم وتعاونهم وعمل كل واحد منهم ــ ليكمل الآخر ــ أن ينجحوا فى تحقيق أمل عزَّ على الأجيال واستحال على الأئمة الأعلام لمدة ألف عام، وإذا سردناها ها هنا فلأن فى هذا بعض الوفاء لهؤلاء الشهداء الأبرار، وهؤلاء الفرسان الشجعان.. فرسان الرسول، صلى الله عليه وسلم، ولكى يكون فيها عظة وعبرة لهذا الجيل لعله ينفض عن نفسه غبار اليأس والخمول، ويستشعر الخجل وهو يرى العمل البطولى والفدائى لآبائه العظام سواء كان ذلك فى السعودية أو مصر أو غيرهما من بلدان العالم الإسلامى.

أول هؤلاء الثلاثة هو «الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا»، الشهير بـ«الساعاتى»، صاحب «الفتح الربانى فى ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى» ومؤلف «بلوغ الأمانى من أسرار الفتح الربانى»، الذى قام بالعمل الإنشائى والرئيسى فى هذه القصة، والفارس الأول من فرسانها الثلاثة الذى تقدم لنا سيرته الدليل على أن الهمة والمخيلة والعزيمة هى القوى الحقيقية التى تقهر كل الصعوبات والموانع والعقبات وتبلور الحكمة الإسلامية: إذا صدق العزم.. وضح السبيل، وإذا وضح السبيل فلا مستحيل.

ولد الشيخ فى إحدى قرى دلتا مصر سنة ١٣٠٠ هجرية من أسرة تقف ما بين الطبقة الوسطى والطبقة الفقيرة، وكان والده يمتلك قطعة صغيرة من الأرض يكدح فيها هو وابنه الأكبر ــ محمد ــ ومن يستعينان به، وكان من الممكن أن ينشأ «أحمد» كأخيه «محمد» فلاحاً كالملايين من الفلاحين المصريين الذين يكدحون فى الأرض الطيبة، لكن الله تعالى كان يريد للشيخ شيئاً آخر، فقد رأت أمه وهى حامل به فى المنام من يوصيها بأن تقرئه القرآن وتنذره للعلم وتسميه «أحمد»، فتمسكت بأن يذهب للكُتـَّاب وأن يحفظ القرآن وهكذا لم يصبح فلاحاً صغيراً لكن صبياً يذهب إلى الكُتَّاب كل صباح يقرأ على «شيخ» القرية ومعلمها حتى حفظ القرآن وأتم أحكام التجويد، ثم دفعت به آماله إلى مزيد من العلم للسفر إلى الإسكندرية حيث كانت الدراسة وقتئذ تعقد فى مسجد «القائد إبراهيم»، وهو ابن محمد على القائد الذى لم يُهزم أبداً، فجعله مسكنه ومأواه، فيه يدرس وفيه ينام على عادة تلك الأيام التى كان طالب العلم فيها «مجاوراً» يقيم بالمبانى الملحقة بالجامع وينفق على نفسه مما يقدمه إليه الجامع من «جراية»، وهى التقاليد التى نقلتها الجامعات الأوروبية، خاصة أوكسفورد وكامبريدج، فالمجاورة يطلق عليها الدراسة «الإقامية»، وهى أبرز مقومات الدراسة الجامعية هناك.. أما الجراية فهى «المنحة» أو «الاسكولارشيب» Scholarship.

على أن «الجراية» لم تكن لتكفى، ولم تكن بالطبع لتستمر بعد انتهاء الدراسة، فاهتدى هذا الشاب الفلاح القادم من أعماق الدلتا إلى حرفة قد تكون آخر ما يخطر ببال أمثاله، تلك هى حرفة إصلاح الساعات فتعلمها وأتقنها واتخذ منها حرفة يقوم بها فى أوقات فراغه ويستكمل بها مورد رزقه، ومن هنا اشتهر بـ«الساعاتى».

وبعد أن أتم الدراسة التى يقدمها مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية عاد إلى قريته وتزوج منها لكنه لم يستقر بها، بل انتقل بأهله إلى «المحمودية» التى كان فيها دون غيرها شيخ عالم أثــَّر على هذا الشاب القادم من «شمشيرة» تأثيراً كبيراً، ذلكم هو الشيخ محمد زهران ــ رحمه الله ــ وهو إحدى الفلتات التى توجد فى قرى مصر ثم لا يعلم بها إلا من هم فى محيط القرية وأرباضها، وقد يحدث أن تطوى صفحته دون أن تجد من يحفظ ذكرها ويروى خبرها، وكان الشيخ محمد زهران رجلاً تقياً ورعاً تعمق فى الدراسة حباً فى العلم وقربى إلى الله، ولم يقف به أنه كفيف أو أنه فى بلدة صغيرة لا تذكر أمام العواصم أو كبريات المدن - أن يُصدر مجلة باسم «الإسعاد» تضمنت بحوثاً ومقالات إسلامية قيّمة، وعلى هذا الشيخ الكفيف الورع أتم الشيخ أحمد عبدالرحمن دراسته فقرأ له وعليه أمهات الكتب والمراجع فى الحديث والفقه والتفسير، وكان فى ذلك الوقت أن وقف الشيخ على مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى.

كان المسند على حاله منذ أن وضعه صاحبه الإمام أحمد بن حنبل ــ رحمه الله ــ «مجموعة» ضخمة تضم ثلاثين ألف حديث لكنها مرتبة على أساس المسانيد، فمسند أبى هريرة على سبيل المثال يضم كل ما رواه أبوهريرة، سواء فى الصلاة أو الجهاد أو الزكاة أو التاريخ أو الفتن... إلخ، دون ترتيب أو تبويب، وقل مثل ذلك فى المسانيد الأخرى مما جعل استخلاص الأحكام فى أبواب الفقه المختلفة من هذه الأحاديث غير المبوبة أمراً عسيراً إن لم يكن مستحيلاً.

ومنذ أن وضع الإمام أحمد مسنده بهذه الطريقة وفكرة تبويبه وتصنيف أحاديثه تصنيفاً موضوعياً تداعب كثيراً من العلماء، ولعل أشهرهم الإمام ابن كثير الذى حاول ذلك لكنَّ بصره كفَّ قبل أن يتمه، وقال: «مازلت أقرأ فيه والسراج ينونص حتى كف بصرى معه».

ولا شىء يصور مبلغ ما تصل العزيمة والهمة والمخيلة بصاحبها مثل هذا القرار الذى اتخذه الشيخ ــ تبويب المسند ــ فهل هو أقدر من ابن كثير أو غيره من أئمة الحديث طوال ألف عام، أو هل هو أقدر من علماء الأزهر والزيتونة والقيروان وغيرها من الجامعات؟ أغلب الظن أن الهمة العظيمة وحدها لم تكن تصل بالشيخ إلى هذا المدى، لكنه إلهام الله وتوفيقه، فالله أعلم حيث يجعل رسالته.

وكان الشيخ عالماً بخطورة هذا القرار وصعوبة تنفيذه وتحدث هو نفسه عما تملَّكه من هواجس وما ساوره من شكوك مخافة الخطأ والقصور أو التوقف فى منتصف الطريق، ووقوع هذه الهواجس والمخاوف هو ما يشهد للشيخ لا عليه لأنها تثبت أن الشيخ اتخذ قراره وهو يعلم بما يحيط به من مخاطر وصعاب، وما يتطلبه من تفرغ وتركيز، وأهم من هذا كله هو ما قيمة هذا العمل الذى سيستغرق منه أعواماً طوالاً، وأنَّى له بطبعه وهو فى هذه البلدة الصغيرة المجهولة.



#جمال_البنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ»
- الإجابة على أسئلة الملتقى
- ثورات منتصف الطريق
- الاتحاد الكونفدرالى هو الحل
- سيناريو الثورة المضادة
- المتهم مُدان حتى تثبت براءته
- استنقاذ الثورة.. بدايات غير موفقة (١ - ٤)
- فى انتظار الثورة الإسلامية.. ثارت الشعوب على حكامها فهل يثور ...
- استنقاذ الثورة
- الإخوان والسياسة
- التحقيق مع ضباط التعذيب له أصول أخرى
- حديث «مُقرف» عن التعذيب 1 & 2
- مهمة عاجلة تنتظر وزير القوى العاملة
- قضية العمل والعمال بعد ثورة ٢٥ يناير ٢ ...
- من هو جمال البنا ؟وما هي دعوة الإحياءالإسلامي ؟
- نقد النظرية الماركسية
- ترشيد النهضة
- الحركة الميثاقية
- الثورة تجابه منعطفاً خطيرًا
- نزولاً على إرادة الشعب


المزيد.....




- بالفيديو.. -المقاومة الإسلامية في البحرين- تضرب هدفاً إسرائي ...
- هيئات فلسطينية تعلن استشهاد رئيس قسم العظام بمستشفى الشفاء ف ...
- الجهاد الاسلامي وحماس تدينان قتل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية ...
- ماذا نعرف عن -المقاومة الإسلامية في البحرين- التي أعلنت مسؤو ...
- مالي تعلن مقتل قيادي بارز في تنظيم الدولة الإسلامية
- لأول مرة.. -المقاومة الإسلامية في البحرين- تعلن ضرب هدف داخل ...
- إسرائيل تمدد المهلة الحكومية لخطة تجنيد اليهود المتزمتين
- عدد يهود العالم أقل مما كان عليه عشية الحرب العالمية الثانية ...
- كاتب يهودي يسخر من تصوير ترامب ولايته الرئاسية المقبلة بأنها ...
- المقاومة الإسلامية: استهدفنا هدفا حيويا في إيلات وهدفا حيويا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال البنا - تكامل فى سبيل الله والرسول صلى الله عليه وسلم (١)